في ذكرى عاشوراء الحسين.. مجلس التعبئة الثقافية لكتائب حزب الله: لن نخذل الحسين في جبهته الممتدة عبر الأزمنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
وَٱلْفَجْرِ ﴿١﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴿٢﴾

  فِي هٰذِهِ ٱلْلَّيَالِي ٱلَّتِي تَتَشَحُّ بِهَا ٱلسَّمَاءُ بِٱلسَّوَادِ، وَتَضْطَرِبُ ٱلْأَرْضُ تَحْتَ وَقْعِ ٱلْعَزَاءِ، يُطِلُّ عَلَيْنَا ٱلْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ ٱلسَّلَامُ)، لَا كَذِكْرَىٰ حَزينة تُبْكِيهَا ٱلْمَآتِمُ فَحسب، بَلْ كَرَايَةٍ خَفَّاقَةٍ لِلْكَرَامَةِ، وَبُوصَلَةٍ لِلْهِدَايَةِ، وَصَوْتٍ مَدَوٍّ لَا زَالَ يَهْتِفُ: “هَلْ مِنْ نَاصِرٍ؟!

عَاشُورَاءُ… لَا يُمكن أن تُختزل بقِصَّة شَهِيدٍ يَفدي نَفسهُ لِلهِ -وإن كانَ هذا غاية الفَوزِ- لأنها صَرْخَةَ مَشْرُوعٍ، وَدَرْسَ أُمَّةٍ فِي قِمَّةِ ٱخْتِبَارِهَا ٱلْوُجُودِيِّ. يَوْمٌ ٱنْفَجَرَتْ فِيهِ ٱلْإِرَادَةُ مِنْ قَلْبِ ٱلْقِلَّةِ، لِتَهْزِمَ ٱلْكَثْرَة، وَٱصْطَفَّتْ فِيهِ ٱلْأَرْوَاحُ عَلَىٰ مُفْتَرَقِ طَرِيقَيْنِ: إِمَّا ٱلْعِزَّةُ أَوِ ٱلذُّلُّ، وَلَا ثَالِثَ إِلَّا ٱلضَّيَاعُ.

ٱلْيَوْمَ… بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِئَةِ عَامٍ، تَعُودُ قِيَمُ كَرْبَلَاءَ وَصَيَحَاتُهَا، لَكِنْ بِأَسْمَاءٍ جَدِيدَةٍ، وَسَاحَاتٍ أَرْحَبَ، وَجَبَهَاتٍ تَتَّصِلُ مِنْ غَزَّةَ إِلَى ٱلْيَمَنِ، مُرُورًا بِلُبْنَانَ وَإِيرَانَ حَتَّى ٱلْعِرَاقِ.
يَزِيدُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَلٰكِنْ بَاطِنُهُ هُوَ ذَاتُهُ: زَيفٌ، وَٱسْتِكْبَارٌ، وَٱغْتِصَابٌ لِلْحَقِّ، وَطَمْسٌ لِلْهُوِيَّةِ.

وَفِي قَلْبِ هٰذَا ٱلزَّمَنِ، يتَجَلَّى نَهْجِ ٱلْحُسَيْنِ، حَيْثُ يَتَلَاقَى ٱلصَّبْرُ بِٱلْبَصِيرَةِ، وَتُسْقِطُ صَوَارِيخُ (ذُو ٱلْفَقَارِ) وَ(خَيْبَرَ) أَسَاطِيرَ ٱلْهَيْبَةِ ٱلْأَمْرِيكِيَّةِ وَٱلصَّهْيُونِيَّةِ، لَا بِٱسْمِ ٱلْحَدِيدِ وَٱلنَّارِ فَقَطْ، بَلْ بِٱسْمِ (ٱلْهَيْهَاتِ)، وَ (النفُوس الأَبِيَّةٍ)، وَبِٱسْمِ (مَا ٱلْحَيَاةُ مَعَ ٱلظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا).

نَحْنُ ٱلْيَوْمَ فِي زَمَنٍ حُسَيْنِيٍّ بِٱمْتِيَازٍ: زَمَنٌ تُصْنَعُ فِيهِ ٱلْمُعَادَلَاتُ لَا فِي دَهَالِيزِ ٱلسِّيَاسَةِ، بَلْ فِي جَبَهَاتِ ٱلْمُقَاوَمَةِ، وَفِي سَاحَاتِ ٱلْإِعْلَامِ ٱلْوَاعِي، وَفِي قَاعَاتِ ٱلْفِكْرِ ٱلثَّقَافِيِّ ٱلرِّسَالِيِّ.
زَمَنٌ يَتَحَدَّدُ فِيهِ مَوْقِعُ ٱلْإِنْسَانِ مِنْ مَلْحَمَةِ كَرْبَلَاءَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ ٱلْعَبَّاسِ، أَوْ فِي صُفُوفِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، وَإِنْ كَانَ حَلِيقًا مُتَأَنِّقًا، يَكْتُبُ ٱلْمَقَالَاتِ وَيُحَاضِرُ عَنِ ٱلْحِيَادِ!

إِنَّنَا فِي مَجْلِسِ ٱلتَّعْبِئَةِ ٱلثَّقَافِيَّةِ نُعْلِنُهَا بِصَوْتٍ حُسَيْنِيٍّ لَا تَرَدُّدَ فِيهِ: لَنْ نَكُونَ عَلَى ٱلْحِيَادِ يَوْمَ تُنْتَهَكُ ٱلْأُمَّةُ، وَلَنْ نَصْمُتَ فِي مَعْرَكَةِ ٱلْإِدْرَاكِ حِينَ تُنْحَرُ ٱلْعُقُولُ، وَلَنْ نَخْذُلَ ٱلْحُسَيْنَ فِي جَبْهَتِهِ ٱلْمُمْتَدَّةِ عَبْرَ ٱلْأَزْمِنَةِ.

وَنَدْعُو أَبْنَاءَ ٱلْأُمَّةِ إِلَىٰ أَنْ يُحَوِّلُوا عَاشُورَاءَ إِلَىٰ مَوْسِمٍ لِلتَّعْبِئَةِ ٱلشَّامِلَةِ لِلْوَعْيِ ٱلْمُقَاوِمِ، ورايةٍ دَائِمَةٍ لِإِحْيَاءِ ٱلْإِسْلَامِ ٱلْمُحَمَّدِيِّ ٱلْأَصِيلِ، ومَحَطَّةٍ لِإِطْلَاقِ جِيلٍ لَا يَخَافُ فِي ٱللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا يُسَاوِمُ عَلَىٰ كَرَامَةِ أُمَّتِهِ وَإِنْ عَظُمَ ٱلثَّمَنُ.

ٱللَّهُمَّ ٱجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِهِ، وَٱمْضِ بِنَا حَيْثُ يُسْحَقُ ٱلْبَاطِلُ وَتُولَدُ ٱلْكَرَامَةُ.
وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

مجلس التعبئة الثقافية            
عاشوراء ١٤٤٧ هـ – ٢٠٢٥ م         

اترك تعلیق

آخر الاخبار