بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نُبَارِكُ لِلْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عُمُومًا، وَأَتْبَاعِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) خُصُوصًا، ذِكْرَى وِلَادَةِ مَنَارِ طُوسَ، شمسُ الشُموس، وَأَنِيسِ النُّفُوسِ، الرِّضَا الْمَرْضِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، عَلِيِّ بْنِ مُوسَى (صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ).
تُشْرِقُ عَلَيْنَا هَذِهِ الذِّكْرَى الْمُبَارَكَةُ فِي الْحَادِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ، لِيَتَجَدَّدَ مَعَهَا نُورُ الْهِدَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالرَّحْمَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، فَقَدْ تَجَلَّتْ فِي شَخْصِيَّةِ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كُلُّ الْفَضَائِلِ السَّامِيَةِ مِنْ عِلْمٍ رَاسِخٍ، وَحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، وَأَخْلَاقٍ رَفِيعَةٍ، جَعَلَتْهُ رَمْزًا خَالِدًا وَقُدْوَةً لِلْإِنْسَانِيَّةِ جَمْعَاءَ.
لَقَدْ عَاشَ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَتْرَةً سَعَتِ السُّلْطَةُ فِيهَا وَبِكُلِّ الْوَسَائِلِ الْخَبِيثَةِ إِلَى تَصْفِيَةِ خَطِّ الْإِمَامَةِ مَادِّيًّا وَمَعْنَوِيًّا، وَكَانَ الْحَدَثُ الْأَبْرَزُ إِجْبَارَهُ عَلَى وِلَايَةِ الْعَهْدِ فِي حُكُومَةِ الْمَأْمُونِ، فِي خُطْوَةٍ أُرِيدَ مِنْهَا امْتِصَاصُ غَضَبِ الْمُعَارَضَةِ الشِّيعِيَّةِ، وَإِضْفَاءُ شَرْعِيَّةٍ عَلَى الْحُكُومَةِ الظَّالِمَةِ بِدَعْوَى إِشْرَاكِ الْإِمَامِ فِيهَا، لَكِنَّ مَوْقِفَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَاءَ وَاضِحًا بِالرَّفْضِ الْأَكِيدِ، وَعِنْدَمَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ اشْتَرَطَ شُرُوطًا تُعْطِي انْطِبَاعًا وَاضِحًا لِلنَّاسِ بِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ حُكُومَةٍ ظَالِمَةٍ لَا تُمَثِّلُ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ فِي سُلُوكِهَا وَنَهْجِهَا، فَأَجْهَضَ مُخَطَّطَاتِ الْحَاكِمِ الْعَبَّاسِيِّ، وَأَعْطَى الضَّوْءَ الْأَخْضَرَ لِلْمُعَارَضَةِ الْعَلَوِيَّةِ بِمُوَاصَلَةِ الْجِهَادِ وَالرَّفْضِ عَلَى كَافَّةِ الصُّعُدِ وَالْمُسْتَوَيَاتِ.
إِنَّ مَوْقِفَ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الرَّافِضَ لِظُلْمِ الْحُكُومَاتِ الْمُوغِلَةِ فِي دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْأَبْرِيَاءِ، هُوَ الْمَوْقِفُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اتِّخَاذُهُ مِنْهَجًا فِي رَفْضِ الْمَجَازِرِ الَّتِي تَرْتَكِبُهَا الصَّهْيُونِيَّةُ الْعَالَمِيَّةُ، وَمَنْ خَلْفَهَا أَمْرِيكَا بِحَقِّ الشُّعُوبِ الْمُسْلِمَةِ الْمُسْتَضْعَفَةِ، مِنْ قَصْفٍ وَتَدْمِيرٍ وَتَهْجِيرٍ، كَمَا رَأَيْنَا فِي فِلَسْطِينَ وَالْيَمَنِ.
إِنَّنَا فِي مَجْلِسِ التَّعْبِئَةِ الثَّقَافِيَّةِ إِذْ نَحْتَفِي بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ الْجَلِيلَةِ، نَدْعُو أَنْفُسَنَا وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اسْتِلْهَامِ الدُّرُوسِ الْعَظِيمَةِ مِنْ سِيرَتِهِ الْمُبَارَكَةِ، وَالسَّيْرِ عَلَى نَهْجِهِ فِي نَشْرِ قِيَمِ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَالتَّسَامُحِ وَالْوَحْدَةِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْأُمَّةِ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا جَمِيعًا لِلسَّيْرِ عَلَى خُطَاهُ الْمُبَارَكَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْمُتَمَسِّكِينَ بِوَلَايَتِهِ وَالسَّائِرِينَ فِي طَرِيقِ الْهِدَايَةِ وَالرِّضَا.
كتائب حزب الله
مجلس التعبئة الثقافية
8 أيار 2025 ميلادية
10 ذي القعدة 1446 هجرية